الخطبة
الأولى
الحمد لله الكريم الرزاق، أمرنا بمكارم الأخلاق، أحمده حمدا كثيرا
طيبا مباركا فيه، وأثني عليه بما هو أهله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك
له، جعل في الجنة غرفا لمن حسن خلقه، وأشهد أن سيدنا محمدا عبد الله ورسوله، أقرب
الناس مجلسا منه في الجنة أحسنهم أخلاقا ، الذين يألفون ويؤلفون ، فاللهم صل وسلم
وبارك على سيدنا محمد وعلى آله الكرام الأطهار، وعلى أصحابه البررة الأخيار، وعلى
من تبعهم بإحسان إلى يوم القرار.
أما
بعد: فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله تعالى، قال الله عز وجل:( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله
وقولوا قولا سديدا* يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد
فاز فوزا عظيما).
أيها
المؤمنون: إن للأخلاق في الإسلام منزلة شريفة،
ودرجة عالية منيفة، يرتقي بها المسلم في درجات الإيمان، ويزداد في الإحسان، وما
أثنى الله تعالى على عبد ممن خلق بمثل ما وصف به نبيه صلى الله عليه وسلم فقال:( وإنك لعلى خلق عظيم) وقال صلى الله عليه وسلم:« إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»
والإسلام يدعو إلى البر، وقد فسره رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:«البر
حسن الخلق».
وحسن الخلق هبة من الله تعالى لمن يحب، قال صلى الله عليه
وسلم :« إن الله قسم بينكم أخلاقكم كما قسم
بينكم أرزاقكم، وإن الله عز وجل يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب، ولا يعطي الدين
إلا لمن أحب، فمن أعطاه الله الدين فقد أحبه ».
عباد
الله: الإسلام شعائر وأخلاق، فالشعائر تتجلى في الصلاة والصوم والزكاة
والحج وغيرها مما أمر الله تعالى به، ولا تستقيم الشعائر بدون حسن الخلق، فجميع
الشعائر تثمر الأخلاق الفاضلة، فالصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر قال عز وجل:( إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر)
والزكاة تطهر الإنسان وتزكيه، قال سبحانه:( خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم
بها)
والصيام يهذب النفس، قال صلى الله عليه وسلم :« من لم يدع قول الزور والعمل به فليس
لله حاجة فى أن يدع طعامه وشرابه ».
والحج يرتقي بأخلاق الإنسان، قال تعالى:( الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن
الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج)
والعبادة مهما كثرت لا تغني عن حسن الخلق، فإن سوء الخلق يمحق ثواب
الأعمال، فعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:« أتدرون ما المفلس؟
». قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع. فقال:« إن المفلس من أمتي يأتى يوم القيامة
بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب
هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه
أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح فى النار».
وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن من حسن خلق المسلم أن لا يتكبر
على عباد الله، أو يقطع رحمه، أو يسعى بين الناس بالنميمة والفساد، فإن كف الأذى
عن الناس من حسن الأخلاق، قال صلى الله عليه وسلم:« المسلم من سلم المسلمون من لسانه
ويده».
أيها
المسلمون: ولاكتساب الخلق الحسن أسباب، ومن
أعظمها الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم فهو أحسن الناس خلقا، وأرجحهم
عقلا، وأزكاهم نفسا، فما من صفة من صفات الكمال البشري إلا وقد أودعها الله تعالى
فيه، قال سبحانه:( لقد
كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا) ومنها صحبة الأخيار والصالحين،
قال عز وجل:( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله
وكونوا مع الصادقين) وقد
قال العلماء: اصحب من ينهضك حاله، ويدلك على الله مقاله.
ومنها مطالعة سير أهل الفضل والصلاح، وأرباب الخير والفلاح، ففي
سيرتهم ما يعين على تمثل أخلاقهم، واتباع نهجهم، فاحرصوا عباد الله على أن تعلموا
أولادكم سيرة الصحابة والتابعين. ومنها كثرة الضراعة والدعاء لله بأن يهديه لأحسن
الأخلاق، فقد كان صلى الله عليه وسلم يقول في دعاء استفتاح صلاته:« اللهم... اهدنى لأحسن الأخلاق لا
يهدى لأحسنها إلا أنت واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت».
فاللهم ارزقنا حسن الأخلاق ومكارمها، ووفقنا لطاعتك وطاعة من أمرتنا بطاعته, عملا
بقولك:( يا
أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم)
بارك
الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم وبسنة نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور
الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وعلى أصحابه أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أيها المؤمنون: إن حسن الخلق من أعظم ما ينفع المؤمن يوم القيامة ويثقل موازين حسناته، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« ما شىء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن».
فعلى المسلم أن يقتدي برسول الله صلى الله عليه وسلم حيث كان يتمثل أخلاق القرآن وآدابه في معاملته مع جميع الناس حتى قالت عنه السيدة عائشة رضي الله عنها: كان خلقه القرآن.
عباد الله: إن الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه وثنى فيه بملائكته فقال تعالى:(إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما)
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:« من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا» اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن سائر الصحابة الأكرمين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
اللهم زينا بمكارم الأخلاق وارزقنا الإنابة إليك والوجل منك، والرجاء لك، والثقة بك، والتوكل عليك، والعمل الصالح، والدعاء المستجاب، اللهم إنا نسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، والسلامة من كل إثم، والغنيمة من كل بر، اللهم إنا نسألك الفوز بالجنة والنجاة من النار، اللهم لا تدع لنا ذنبا إلا غفرته، ولا هما إلا فرجته، ولا دينا إلا قضيته، ولا مريضا إلا شفيته، ولا حاجة إلا قضيتها ويسرتها يا رب العالمين، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
اللهم وفق ولي أمرنا رئيس الدولة، الشيخ خليفة بن زايد ونائبه لما تحبه وترضاه، وأيد إخوانه حكام الإمارات وولي عهده الأمين.
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات، اللهم ارحم الشيخ زايد، والشيخ مكتوم، وإخوانهما شيوخ الإمارات الذين انتقلوا إلى رحمتك، اللهم اشمل بعفوك وغفرانك ورحمتك آباءنا وأمهاتنا وجميع أرحامنا ومن كان له فضل علينا.
اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم اسقنا من بركات السماء وأنبت لنا من بركات الأرض.
اللهم أدم على دولة الإمارات الأمن والأمان وعلى سائر بلاد المسلمين.
اذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم (وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون).
0 التعليقات:
إرسال تعليق