إشترك معنا ليصلك جديد الموقع

بريدك الإلكترونى فى أمان معنا

الاثنين، 14 مارس 2016

تعليمية المادة و طرائق التدريس



تعليمية المادة و طرائق التدريس


 في مفهوم التعليمية العامة (( الديداكتيك))
استهلال:
    سأل معاوية بن أبي سفيان الأحنف بن قيس عن الولد ، فقال : يا أمير المؤمنين أولادنا ثمار قلوبنا ، وعماد ظهورنا ، ونحن لهم أرض ذليلة ، وسماء ظليلة ، وبهم نصول عند كل جليلة ، فإن طلبوا فأعطهم ، وإن غضبوا فأرضهم ، يمنحوك ودهم ، ويحبّوك جهدهم ، ولا تكن عليهم قفلا فيتمنّوا موتك ويكرهوا قربك ويملوا حياتك. فقال له معاوية : لله أنت ! لقد دخلت علىّ وإني لمملوء غيظا على يزيد ولقد أصلحت من قلبي له ما كان قد فسد.
     بهذه العقلية نريد أن نكون في تعاملنا مع أبنائنا، و أن تكون نظرتنا لهم نظرة إيجابية، و أن نغدق عليهم من عطفنا وحبنا.
مدخل لتعريف المصطلح
استعملت كلمة ديداكتيك didactique
     منذ مدة طويلة، للدلالة على كل ما يرتبط بالتعليم، من أنشطة تحدث في العادة داخل الأقسام وفي المدارس و تستهدف نقل المعلومات والمهارات من المدرس إلى التلاميذ... لكن ستعرف الكلمة الكثير من التطور وبالتالي الكثير من التعريف والذي  يمكن حصره حاليا في اتجاهين رئيسيين:
·         اتجاه  ينظر  إليها  باعتبارها تشمل النشاط الذي يزاوله المدرس،  فتكون الديداكتيك بالتالي  مجرد صفة ننعت بها ذلك النشاط التعليمي، الذي يحدث أساسا  داخل حجرات الدرس والذي يمكن أن يستمد أصوله من البيداغوجيا .
     و تستعمل كلمة الديداكتيك في نفس الاتجاه أيضا ،كمرادف للبيداغوجيا  أو باعتبارها  مجرد تطبيق أو فرع من فروعها ، بشكل عام ودون تحديد واضح.
·         والاتجاه الثاني ، هو الذي يجعل من الديداكتيك علما مستقلا من علوم التربية .
     وقبل استعراض نماذج من تعاريف تندرج في هذين الاتجاهين ، سنعمل على توضيح الدلالة اللغوية للكلمة.
     كلمة didactique في اللغات الأوربية مشتقة من Didaktikos وتعني "فلنتعلم ،أي يعلم بعضنا بعضا" والمشتقة أصلا من الكلمة الإغريقية didaskein  ومعناها التعليم.
     وقد استخدمت هذه الكلمة في التربية أول مرة كمرادف لفن التعليم، وقد استخدمها كومينوس أو كامينسكي (Kamensky or Comenius)  والذي يعد الأب الروحي للبيداغوجيا ، منذ سنة 1657 في كتابه "الديداكتيكا الكبرى " "Didctica Magnaحيث يعرفها بالفن العام للتعليم في مختلف المواد التعليمية، ويضيف ، بأنها ليست فنا للتعليم فقط بل للتربية أيضا . إن كلمة ديداكتيك حسب كومينوس تدل على تبليغ وايصال المعارف لجميع الناس.
     وعندنا لابد من الإشارة إلى أننا نجد في اللغة العربية عدة مصطلحات مقابلة للمصطلح الأجنبي الواحد، ولعل ذلك يرجع إلى تعدد مناهل الترجمة، من ذلك: تعدد المصطلحات المستقاة من الإنجليزية أم من الفرنسية ، وهما اللغتان اللتان يأخذ منهما الفكر العربي المعاصر، على تنوع خطاباته ، و منها مصطلح didactique  الذي تقابله في اللغة العربية عدة ألفاظ : تعليمية ، تعليميات ، علم التدريس ،علم التعليم ،التدريسية، الديداكتيك ...
     تتفاوت هذه المصطلحات في الاستعمال، ففي الوقت الذي اختار بعض الباحثين استعمال ديداكتيك تجنبا لأي لبس في مفهوم المصطلح، نجد باحثين آخرين يستعملون علم التدريس، وعلم التعليم، وباحثين آخرين قلائل ، يستعملون مصطلح تعليمية و تعليميات أو مصطلح تدريسية.
     يقول الأستاذ :"حنفي بن عيسى 2003"، كلمة تعليمية في اللغة العربية مصدر صناعي لكلمة تعليم ، وهذه الأخيرة مشتقة من علّم أي وضع علامة أو سمة من السمات للدلالة على الشيء دون إحضاره.
     ولا بد من الإشارة إلى أن المصطلح الذي كان سائدا في  كليات علوم التربية وفي بعض مؤسسات التكوين التربوي ، للدلالة على الديداكتيك ، هو "التربية الخاصة"، في حين كانت تستعمل في مراكز تكوين  اخرى كلمة "منهجية"  للدلالة على هذا التخصص. وكانت تتضمن البحث في المسائل التي يطرحها تعليم مختلف  المواد الدراسية المقررة، ومن هنا جاءت تسمية التربية الخاصة  أي خاصة بتعليم المواد ا لدراسية،  مثل التربية الخاصة بالرياضيات أو التربية ا لخاصة  بالفلسفة، في مقابل التربية العامة أو البيداغوجيا والتي  تهتم بمختلف القضايا التربوية في القسم بل وفي النظام التربوي برمته، مهما كانت المادة  الملقنة.
المعنى الاصطلاحي
     يمكن استعراض بعض التعاريف التي تندرج في الاتجاه الذي ينظر إلى الديداكتيك باعتبارها إما مجرد صفة ننعت بها النشاط التعليمي للمدرس أو مجرد شق من البيداغوجيا أو تطبيق لها ، على النحو التالي:
يستعمل لفظ ديداكتيك، حسب اسطولفي ( Astolfi,J.P:2001) ، كمرادف للبيداغوجية، بيد انه إذا ما استبعدنا بعض الاستعمالات الأسلوبية، فإن اللفظ يوحي بمعاني أخرى تعبر عن مقاربة خاصة لمشكلات التعليم. الديداكتيك لا تشكل حقلا معرفيا قائما بذاته أو فرعا لحقل معرفي ما، كما لا تشكل أيضا مجموعة من الحقول المعرفية، غنها نهج، أو بمعنى أدق، أسلوب معين لتحليل الظواهر التعليمية.
     الديداكتيك في الأساس   تفكير في المادة الدراسية بغية تدريسها الذي يواجه نوعين من المشكلات: مشكلات تتعلق  بالمادة و محتواها وبنيتها ومنطقها، و تنشأ عن موضوعات علمية – ثقافية سابقة الوجود. ومشكلات ترتبط بالفرد في وضعية التعلم و هي من طبيعة سيكولوجية. الديداكتيك إذا ليست حقلا معرفيا قائما بذاته، و ذلك على الأقل في المرحلة الراهنة من تطورها حسب جاسمن (Jasmin,B.1973) ، و قد لا تكون مدعوة لأن تصبح حقلا معرفيا مستقلا، و مع ذلك، ليس ثمة  شك في وجود مجال للنشاط خاص بتدريس مختلف المواد الدراسية. و الذي يتطلب بحثا مستمرا قصد تحسين التواصل، و بالأخص، البحث في كيفية اكتساب المتعلم للمفاهيم. وكانت الديداكتيك حسب ابلي (Aebli Hans.1951) و في هذا السياق ايضا، علما مساعدا فقط للبيداغوجية، حيث أسند إليها دور بناء الاستراتيجيات المساعدة على بلوغ الأهداف، الديداكتيك إذا مادة تطبيقية ليس إلا، موضوعها تحضير و تجريب استراتيجيات بيداغوجية تهدف إلى تسهيل انجاز المشاريع ذات الطابع التعليمي... ويمكن للديداكتيك أن تكتسي خصائص العلم التطبيقي، باعتبارها تسعى إلى تحقيق هدف علمي و المتمثل في وضع استراتيجيات بيداغوجية. و لتحقيق هدفها تستعين الديداكتيك بعلوم السيكولوجيا، و السوسيولوجيا و الأبستمولوجيا.....الخ.
إذا لا تستقل الديداكتيك و تستقيم في مختلف هذه التعاريف، بعيدا عن البيداغوجية و خارج مضلتها. 
نستخلص من هذه التعاريف أن الديداكتيك تهتم بكل ماهو تعليمي تعلمي، أي كيف يعلم الاستاذ مع التركيز على:
     كيف يتعلم التلميذ؟ و دراسة كيفية تسهيل عملية التعلم، وجعلها ممكنة لأكبر فئة، ثم اتخاذ الاجراءات المناسبة لفئة ذوي صعوبات في التعليم ، و بالتالي فهي دراسة التفاعل التعليمي أي أن التعليمية ركزت على أهمية التفاعل بين المعلم و المتعلم و ضرورة أن يحترم كلا منهما العقد الذي يربطهما(الرجوع لدراسة بروسو حول الموضوع) كما ركزت على محتويات المادة الدراسية التي ينبغي أن تكون متماشية مع مستوى التلاميذ العقلي و تعمل على تنمية مهاراتهم المعرفية وفق الأهداف المسطرة مسبقا.
     ونظرا لأهمية كل من المعلم و المتعلم و المادة الدراسية و كونهم من أبرز مكونات التعليمية رأينا أن نلخصها في هذه الفقرة حتى نفيد بها قراءنا الكرام.   
1.    المعلم: عندما نتحدث عنه نشير إلى شخصيته، ومؤهلاته، تكوينه، سلوكه وقدرته على التكيف مع المواقف المستجدة، قدرته على التبليغ و التسميغ و التنشيط الجماعي، وقدرته استثمار علاقاته التربوية في بناء الدرس، كما تتحدث عن حبه لمهنته أو تدمره منها كلها عوامل متداخلة و متفاعلة تساعد بصورة أو بأخرى في بناء وتكوين المتعلم.
     مما لا شك فيه أن المعلم في كل حركة تغيير لوجهه ولباسه و أسلوبه و نظراته يترك في نفسية التلميذ شيئا فرديا من شخصيته و ذاته (أحمد خنسة، 2000، ص289 ).
و كما قال الباحث فوراستيه (Faurastié) إذا كان من عادة المهندس المعماري أن يدرس في شهرين ما ينوي بناءه في سنة فإن الواجب يفرض عليه أن عليه اليوم أن يدرس في سنة ما يريد تشييده في  شهر حتى يقوم إنجازه على أسس ثابتة ودعائم سليمة، وإذا كان هذا من واجب المهندس المعماري فما بالك بالمعلم الذي ينشئ العقول، إن المعلم أولى بالابتعاد عن كل ارتجال و عشوائية حتى يكون عمله هادفا فعالا، و يكون ذلك بالتخطيط الدقيق (عبد المؤمن يعقوبي، 1996،ص27).
1.    صفات المعلم ومهارته: الكثير من الكتاب و المختصين ركزوا على صفات ينبغي على المعلم  ان يتصف بها حتى يكون مدرسا ناجحا كالصفات الاخلاقية حب العمل، حسن التصرف، الأمانة ... والصفات الجسدية و حسن المظهر و... كلها صفات أساسية و ضرورية لابد للمعلم التخلي بها لكننا لن نكثر الحديث عنها و هذا لآننا سوف نركز على بعض المهارات الأدائية التي تثبت فعاليتها و ضرورتها في الصف.
1.    مهارة تقديم الدرس و تهيئة التلاميذ: من العوامل التي تضمن حسن متابعة التلاميذ للدرس ورغبتهم في التعلم هي الخمس دقائق الأولى في الدرس، ففيها يستطيع المعلم لفت انتباه التلاميذ و إثارة رغبتهم و دافعيتهم للتعلم، و إما ينصرف التلاميذ من الدرس و لا يبالون بما سيقوله، لذلك نقول ان المدرس الناجح يستطيع من خلال تقديم شيق أن يثير دافعية التلاميذ. وتتنوع طرق التقديم حسب الموضوع و سن التلاميذ كما يتم ربط الدرس بالدرس السابق او بالمعارف السابقة للتعرف على مستوى التلاميذ و الانطلاق منه لاستكمال بنيتهم المعرفية عن الموضوع، كما يمكن للمعلم الاستعانة بأشرطة أو أفلام عن الموضوع .... والأفكار عن التقديم لا تنتهي لكن المهم أن تكون متنوعة حتى لا تفقد جاذبيتها و على المعلم ألا يطيل في المقدمة على حساب زمن الدرس و أن ينتقل من التقديم إلى الموضوع المحدد للدرس.
2.    مهارة إنهاء الدرس: قد تكون نهاية الدرس أكاديمية أي تركز على تلخيص النقاط العلمية و العملية التي تناولها الدرس و يتم عن طريق أسئلة توجه للتلاميذ أو قد يقوم المعلم بهذا التلخيص، و في هذه المرحلة تستخلص التعميمات الأساسية في الدرس و تكتب على السبورة و قد يهتم المعلم عند إنهاء الدرس ببعض الجوانب الوجدانية و السلوكية كأن يشكرهم على تجاوبهم و متابعتهم الدرس (قد يكون فردي أو جماعي) كما قد يعاتب البعض على سلوكياتهم السلبية.
3.    مهارة الشرح :  تعني القدرة على توضيح معنى المفاهيم و المدركات الواردة في الدرس و هذه المهارة جوهر عملية التدريس العلمية و الاجتماعية، مع ضرورة أن يكون المعلم ملما بمادته متعمقا في مفاهيمها بحيث يستطيع تبسيطها و توضيحها بأكثر من طريقة و من بين الأساليب التي يمكن الاستعانة بها (الأمثلة ، التشبيهات ، الاستعانة ببعض الرسوم...). و يجب التركيز في الشرح الجيد على الاختصار، التسلسل المنطقي و الترتيب، توضيح علاقة الأفكار و المفاهيم... (كوثر حسين كوجك ، المرجع السابق ،ص 269-272).
4.    حيوية المدرس: ترتبط حيوية المعلم بمواصفاته الشخصية، لكن هذا لا يعني أنها موهبة و لكنها مهارة تدريس و هي قابلة للتعلم من خلال الممارسة و التدريب، و لكي تؤدى هذه المهارة بكفاءة فإن المدرس بحاجة إلى تدريب صوته (التنويع في درجاته و مستوياته) و تحركاته و تعبيرات الوجه.
5.    التفاعل بين المعلم و التلاميذ في الفصل: يظهر من خلال التفاعل اللالفظي (الإيماءات) و التفاعل اللفظي الذي يركز على الكلام الذي يجري داخل الموقف التعليمي من المعلم أو المتعلم.
و قد أوضحت الدراسات و التي من أشهرها دراسات فلاندرز (Flanders) ، أن المعلم يأخذ معظم وقت الحصة بالكلام و لا يدع مجالا كبيرا للتلاميذ للتحدث أو الحوار، كما دلت النتائج أن نسبة كبيرة من كلام المعلم تكون في صورة أسئلة تعليمات وتوجيهات أو تحذير أو توبيخ لتوجيه سلوك التلاميذ، كما وجد أن نسبة مبادرة التلاميذ بالكلام منخفضة للغاية، كما أن نسبة الحوار المتبادل بين التلاميذ بعضهم ببعض منخفضة جدا.
وقد وجد أنه كلما زاد دور التلميذ الإيجابي في الموقف التعليمي زاد التعلم وزادت كفاءة العملية التعليمية، لذلك يتم تدريب المعلمين قبل الخدمة-في كليات التربية- وبعد التخرج لرفع مهارتهم في هذا الجانب، بمعنى تدريبهم على زيادة التفاعل في الفصل، بحيث يكون الدور الأكبر للتلاميذ وتعويد المعلم على التقليل من دوره الدكتاتوري المهيمن على الموقف التعليمي.
7.1- مهارة صياغة وتوجيه الأسئلة أثناء التدريس : يستخدم المعلم الأسئلة من آن لآخر في المحاضرة وفي الحوار والمناقشة وفي مرحلة تقييم الطلاب والتأكد من فهمهم للدرس، ومن المهم أن يتقن المعلم مهارة صياغة وتوجيه الأسئلة، وأن يميز بين أنواعها ومستوياتها، وتعتبر الأسئلة عملية ديناميكية تساعد على التفاعل المتبادل بين المدرس والتلاميذ والتلاميذ وبعضهم البعض.
ويمكن تصنيف الأسئلة إلى قسمين:
1.7.1- أسئلة تختبر وتؤكد المعلومات وتسمى أسئلة الحقائق (Fact questions)؛
2.7.1- أسئلة تدفع التلاميذ إلى التفكير وخلق الحقائق أو التوصل إليها، وتسمى أحيانا أسئلة التفكير
 Thought question)
8.1- مهارة تعزيز استجابات التلاميذ:  التعزيز سلوك لفظي يأتي عقب سلوك آخر سواء كان لفظيا أو غير لفظي بهدف التعبير عن مدى الموافقة أو الرفض للسلوك؛
أنواعه:
1.8.1- التعزيز اللفظي: كان يقول المعلم للتلميذ احسنت، جيد، أكمل، أو غير صحيح، اجابتك ناقصة؛
2.8.1- التعزيز غير اللفظي: سكون في صورة ابتسامة أو تصفيق من طرف الزملاء؛
3.8.1- التعزيز الفوري: و يكون مباشرة بعد أداء السلوك دون تأخير؛
4.8.1- التعزيز السلبي: و فيه لا يكون هناك رد فعل لسلوك الفرد بل تجاهل واهمال كامل؛
9.1- مهارة استخدام الوسائل التعليمية: تتطلب المهارة ان يكون المعلم ملما بأنواع الوسائل التعليمية المختلفة و المواقف التي تصلح فيها وسيلة ما، و استعمال أكثر من وسيلة إذا استدعى الأمر ذلك، مع أنها تعمل بكفاءة قبل موعد الدرس؛
10.1- مهارة إعطاء التعليمات: نادرا ما يخلو درس من الدروس في جميع التخصصات من تقديم التعليمات للتلاميذ و التي تكون إما شفهية أو كتابية و مدونة، و من الضروري أن التعليمات مقدمة بلغة سليمة وواضحة ودقيقة، و ما يساعد المعلم على اتقان هذه المهارة أن يجري تعليماته في خطوات قصيرة في تسلسل منطقي تمكن التلميذ من متابعتها و تنفيذها بطريقة صحيحة، و من الضروري أن يوضح للتلاميذ الأهداف من هذه التعليمات و النتائج المتوقعة منها... وقد يستعين المعلم في تعليماته ببعض الرسوم التوضيحية و الارقام و الرموز لمساعدة التلاميذ على المتابعة والفهم؛  
11.1- مهارة إدارة المناقشة: إن المناقشة تزيد من فاعلية التلاميذ ومشاركتهم الإيجابية في الموقف التعليمي؛ وهناك عدة أنواع للمناقشة ولكل منها أهدافها الخاصة في مناقشة المجموعات الكبيرة يجد المعلم طريقة ونظام الفصل وترتب المقاعد على شكل دائرة، ويجلس المعلم في مقعد في الدائرة يرى فيه الجميع، ويعين أحد التلاميذ ليصبح مقررا للجلسة لتدوين نقاط المشاركة والآراء المختلفة مع ضرورة تغيير المقرر في كل جلسة حتى لا يستأثر واحد منهم بهذا الدور، ويشرح المعلم أهداف المناقشة وموضوعها ويوضح قواعد النقاش ( كيف يأخذ الكلمة، أو كيف يعلق على كلام زملائه، أو يطلب استفسار) ، وحتى تنجح المناقشة لابد أن يشعر التلاميذ بالارتياح والاطمئنان ولا يشعرون بالتهديد حتى يبدو بآرائهم أي كانت، وعلى المعلم كمدير للمناقشة، ضبط الوقت والتأكد من أن كل جوانب المناقشة قد نوقشت؛
12.1- مهارة إدارة دروس المعمل:   يتطلب من المعلم مهارة غالية في التخطيط والإعداد السابق لزمن الدرس، ونقصد بالمعمل تجارب المخبر، التطبيقات. والمهارة الأساسية اللازمة للمعلم في دروس المعمل هي القدرة على الملاحظة لما يدور في حجرة الدرس (يلاحظ أداء التلاميذ وأساليب تعاملهم مع بعضهم البعض والتأكد من حسن استخدام الأجهزة ) على المعلم أن يوضح في بداية العمل السلوك الناتج والنتائج المتوقعة من هذه التجربة (كوجك كوثر حسين، ص 269-296). إضافة إلى المهارات التي سبق ذكرها فإن إتقان المعلم لصياغة الأهداف التدريسية صياغة سليمة يعتبر كذلك من أهم المهارات اللازم توافرها في كل مدرس بصرف النظر عن مادة تخصصه أو عن المرحلة التي يدرس لها ومن المهم أن يختار المعلم أنواع الأنشطة التي توائم الأهداف المحددة للدرس مع مراعاة الظروف المادية والاجتماعية للبيئة المدرسية، ومراعاة ميول التلاميذ بحيث تدفعهم الأنشطة المختارة للمشاركة الإيجابية والتفاعل المثمر مع الموقف التعليمي، مع ضرورة أن ينوع المعلم في الأنشطة التعليمية التي يختارها سواء في الدرس الواحد أو من درس لآخر لأن هذا يؤدي لتعلم أفضل ويبعد الملل عند المعلم والتلميذ على حد السواء (كوجك كوثر حسين ، المرجع السابق، ص 26). فالمعلم من خلال تحديده للأهداف أن يحدد نوعية التعبير المعرفي والمهاري الذي يصبو إلى إحداثه على سلوك المتعلم، ماذا ينتظر من المتعلم إنجازه في نهاية الدرس ؟ أو ما الذي ينبغي أن يكون المتعلم قادرا على فعله في نهاية هذا النشاط ؟ (عبد المؤمن يعقوبي، المرجع السابق، ص 24) ؛
نستخلص إذا أن وضوح الأهداف ودقتها يمكنان المعلم من السيطرة على الموقف التعليمي التعلمي ويجعل هذا الأمر يحدد الوسائل المناسبة لتحقيق هذه الأهداف...
بعد تحديد الأهداف على المعلم أن يعمل على التخطيط الجيد للمنهج المدرسي تمهيدا للتدريس، فالتخطيط بمثابة رسم بياني أو خريطة توضيحية يستعين بها المعلم قبل التنفيذ والتقييم فالتخطيط يوضح مسار عمل المعلم واتجاهاته وطرقه ومشكلاته وكيف يمكن التغلب عليه.
 لهذا كان لابد من أن يتقن المعلم مهارة التخطيط لتدريسه حتى يتمكن من توفير أفضل بيئة تعليمية ويعمل على خلق المناخ الذي يشجع على حدوث أكبر قدر من التفاعل وبالتالي أكبر قدر من التعلم (كوجك كوثر حسين، المرجع السابق، ص 55).
فالتخطيط يكون من خلال البحث عن وضعية الانطلاق من خلال التعرف على مكتسبات التلاميذ ذات العلاقة المرجعية بالموضوع الجديد وعلى مدى تحكمهم في هذه المهارات والقدرات، في هذا الصدد تقول الباحثة أنا بونابوار (Anna Bonaboir) " إن نجاح الفعل التعليمي يتوقف أولا وقبل كل شيء على وضعية الانطلاق فالمعلم الذي يقبل على درس الأفعال الناسخة في قواعد اللغة العربية ينبغي أن يتأكد من مدى استيعاب تلاميذه ومدى تحكمهم في عناصر الجملة الاسمية، وإلا فإن جميع جهوده ستذهب سدى إذا لم تتوفر لديهم هذه الأرضية (عبد المؤمن يعقوبي، المرجع السابق، ص 28(
2.    تجربة المعلم التجديدية والطليعية :  التجربة الطليعية هي تجربة تربوية تعطي نتائج خلال العملية التربوية الدراسية، أما التجربة التجديدية فهي الأفكار الجديدة والطرائق والوسائل الجديدة في تنظيم وإجراء العملية التربوية.
وعندما نتحدث عن تجربة المعلم نرمز للجانب الموضوعي والطرق التي يستخدمها والأساليب التي يتبناها، ويرمز الجانب الشخصي إلى كيفية استخدام هذه الوسائل والطرائق تبعا لميزاته الشخصية (أحمد خنسه، المرجع السابق، ص 353) فتجربة المعلم ضرورية لنجاح العملية التعليمية، وهذا لأنها تعتبر عصارة جهود متواصلة ومختلفة وفقا للمستويات التي يتعامل معها المعلم، فتجربته تمكنه من ربح الوقت واختيار أحسن السبل لتعلم أفضل.
3.    أهمية خلق جو سيكولوجي في الصف (القسم): في التعليمية التقليدية المعلم هو محور العملية التعليمية وهو التحكم في المعرفة والعلاقة التي تربط المعلم والمتعلم علاقة سلطة، والتقييم فيها يخضع لمنحنى قوس(Courbe de gauss) فالتلميذ ينظم نفسه بنفسه حتى يتعلم، في حين أن التعليمية الحديثة تركز على بناء نشط لمعرفة التلميذ، و جعلت محور اهتمام الأستاذ هو كيف يعلم التلميذ وكيف نسهل عملية التعلم (Michel Minder,1996,p16).
فالدور الديداكتيكي للمعلم في البيداغوجية الفعالة هو مساعدة التلاميذ على الحصول بأنفسهم على المعرفة، فالمعلم قبل أن يكون مختصا في وظيفته يكون مهندسا في التربية وتقنيا في التعلم، صحيح أن المعلومات التي يحملها ليست دون جدوى، لكن بما أنه يعمل على أن يكسب التلاميذ استقلاليتهم عليه أن يظهر أكثر كمستشار أو مختص في المناهج أكثر من المعارف، و أن يكون على دراية بديناميكيات الجماعة، ومتحكم في ردود افعاله حتى لا يسقطها على قسمه، فعلى المعلم أن يتنازل عن الدور المسيطر في القسم، ألا يفرض المعرفة، فالمهم أن يعمل على النمو الشخصي للتلاميذ و يقدم لهم يد المساعدة كراشدين دون اغفال نقل المعرفة، (Michel Minder,ibid,p138-212) بالنسبة ل:ك .روجرس فإن المهمة الرئيسية للمعلم هي القدرة خلق جو ذهني و انفعالي مناسب في الصف، جو الدعم السيكولوجي، و ذلك يتحقق إذا اتبع المبادئ الآتية:
·         أن يبين للأطفال من البداية و على مر العملية الدراسية ثقته الكاملة بهم؛
·         يجب أن ينطلق دائما من أنه توجد لدى المتعلم دافعية داخلية للتعلم؛
·         يجب أن يبدو للمتعلمين كمصدر للتجربة المتنوعة و الفنية بحيث يمكن اللجوء إليها للمساعدة عند الاصطدام بصعوبات حل هذه المسألة أو تلك؛
·         يجب أن يساعد المتعلمين في صياغة و تدقيق الأهداف و المهام الماثلة أمام الجماعة و أمام المتعلمين (أحمد خنسه، المرجع السابق، ص 358).
وقد أعطى ميالاري(Malaret) أهمية لجانب مهم من مكونات الفعل التعليمي التعلمي، وهو الجانب السيكولوجي للمتعلم، إذ على المعلم أن يضع في حساباته خصائص المتعلمين الموجودين بين يديه (السن، الجنس، الوسط المعيشي، القدرات العقلية، الفروق الفردية...) (عبد المؤمن يعقوبي، المرجع السابق، ص 26) وهذا الأمر يصعب من مهام المعلم الذي لابد أن يكون على دراية بمبادئ علم النفس، وعلم النفس النمو، وكذا علم الاجتماع، بالإضافة إلى تخصصه في مادة تدريسه، ولكن السؤال الذي نطرحه، هل بإمكان المعلم أن يكون كما نريده نظريا، وكما تصبو إليه المدارس الحديثـة، والمبادئ الجديدة لعلم النفس وللتعليمية؟ هل يمكن أن يقوم المعلم بكل ما طلبناه منه في ظل العراقيل التي يعيشها ميدانيا من اكتظاظ للأقسام، كثافة البرامج، عدم وجود تعاون بين المؤسسة التربوية؟ كل هذه العراقيل تجعلنا نتحدث عن بعض المشكلات التي يواجهها المعلمون في ميدانهم، والتي نلخصها فيما سيأتي.
4.    مشكلات المعلم: المعروف عن كل مهنة أن لها صعوبات وعراقيل تقف حاجزا وعائقا أمام حسن سيرها، وقد تكون هذه المشكلات ذات طبيعة مادية أو غير ذلك، فما بالك بمهنة التعليم التي تعتبر من أعقد المهن وأكثرها حساسية.
·         مشكلات متعلقة بالأهداف: إن المعلم يبدأ نشاطه التعليمي بتكوين فكرة واضحة عما يريد إنجازه من خلال عملية التعليم، بالتالي عليه أن يقف على الأهداف التي يتوقع من طلبته إنجازها نتيجة هذه العملية.
·         مشكلات متعلقة بخصائص المتعلمين: يتباين عادة المتعلمين في خصائصهم الجسمية والانفعالية والاجتماعية، هذا الأمر الذي يفرض على المعلم مواجهة مشكلة فهم المتعلمين من خلال التعرف على قدراتهم ومستوى نموهم، ونقاط ضعفهم وقوتهم لتحديد مدى استعدادهم وقدراتهم على إنجاز الأهداف التعليمية المسطرة.
·         مشكلات متعلقة بالتعلم: يحتاج المعلم لأداء مهمته التعليمية إلى معرفة المبادئ المتنوعة التي تحكم عملية اكتساب المعلومات لدى المتعلمين، ونظرا لتنوع سلوك الطلاب، فإن المعلم سيواجه مشكلة اختيار مبادئ التعلم التي تتفق مع طبيعة المواقف التعليمية التعلمية.
·         مشكلات متعلقة بالتعليم: لابد من أن يلجأ المعلم إلى اختيار طريقة أو أكثر من طرق التدريس التي تختلف باختلاف المواد، وقد تختلف في نفس المادة حتى يكون هناك استيعاب أكثر للمتعلمين.
·         مشكلات متعلقة بالتقييم: يقوم المعلم بالتقييم للتعرف على مدى التقدم في تحقيق الشيء الذي يجعله يواجه اختبار أو تطوير الإجراءات التي تساعده على معرفة هذا التقدم (سامي محمد ملحم، 2001، ص 36-37)
2.    المتعلم: يعتبر التلاميذ من أهم مدخلات إدارة بيئة التعليم و التعلم ، بل إنهم أهم المدخلات العملية التعليمية ، إذ بدون التلاميذ لا يكون هناك فصل (قسم) و لا يكون هناك تعليم وتلاميذ المدارس ذوو أعمار مختلفة ووفقا لأعمارهم يقسم التعليم إلى مراحل ، و تأسيسا على ذلك فإن الإدارة الفعالة لبيئة التعليـم و التعلم تتطلب من المعلم أن يقف على كافة النواحي المتصلة بالتلاميذ من حيث نموهم و تعلمهم (أحمد إسماعيل حجي، 2000 ص29).
3.    حقيقة المتعلم: عندما نتحدث عنه فإننا نشير إلى مكتسبا ته خصائصه السيكولوجية إلى سنه (طفل أو مراهق)، جنسه (ذكر أو أنثى) وكلها عوامل تؤثر على فهمنا لهذا الفرد ، فالمتعلم عندما يدخل الصف يحمل معه أفكارا تربى عليها و نمى بها من الصعب عليه التخلي عليها بسهولة ، لهذا من الضروري حتى تنجح العملية التعليمية أن نراعي كل الجوانب النفسية و المعرفية و الاجتماعية لهذا المتعلم حتى لا تذهب جهودنا سدا ، و حسب بياجيه فالمعرفة تكتسب إذا ربطت بمعارف سابقة ، و التعلم لن يحدث إلا إذا اندمج في شبكة من ذي قبل في النسق المعرفي للفرد ، فالمتعلم يحمل تصورات لن يتخلى عنها بسهولة لأنه حصل عليها من خلال تفاعلاته الاجتماعية و معايشته لمحيطه. فكل التعليميات أصبحت تركز أنه في كل تعلم لابد أن نأخذ بعين الاعتبار التصورات الموجودة في عقلية التلميذ و في نظامه المعرفي . فعلى البيداغوجي أن يحلل طبيعة التصورات الخاطئة حتى يتغلب على عوائق التعلم(Laurence cornu, 1992 p 50).
و حتى ينخرط التلميذ حقيقة في التعلم يجب أن تكون المهام الماثلة أمامه خلال النشاط الدراسي مفهومة من قبله و أن يقبلها داخليا بمعنى أن تكتسب أهمية للطالب و أن تلقى بهذا الشكل صدى و نقطة ارتكاز في معايشاته (أحمد خنسة ، المرجع السابق، ص 274) ، و قد وضع ماجر(Mager 1969) مجموعة من الشروط الإيجابية بهدف تدعيم التلميذ في وضعية التعلم و التي نجملها فيما يلي:
5.    التعرف على ردود الفعل الخاصة بالمتعلم و رغبته في التعلم و تتبعه و التعليق عليها بالإيجاب؛
5.    مكافأة و تشجيع المتعلم تجاه ما يرغب تعلمه؛
5.    التصريح للمتعلم بنتائج تعلمه بمفرده و ليس أمام الملأ (تجنبا للإحراج)؛
5.    أن يكون المتعلم على دراية بالأهداف التعليمية حتى يفهم المقصود منذ البداية؛
6.    إعطاء الحرية للمتعلم في اختيار و تنظيم المادة التعليمية؛
5.    التعامل مع المتعلم كشخص و ليس كرقم في قسم ما؛
5.    اظهار الفرح عندما ينجح المتعلم.
هذه الشروط تؤكد على ضرورة أن يظهر المعلم احساساته الإيجابية و شعوره تجاه تلاميذه، فالمعلم الذي لا يظهر حبه لمهنته و لا لتلاميذه لن يكون له تأثير يذكر على تلاميذه من الناحية البيداغوجية.
و ينقل لنا ماجر مرة أخرى انطباعات المتعلمين عندما سئلوا عن الطرق التي كان لها الأثر الإيجابي على اهتماماتهم و آداءاتهم و ما الذي كانوا ينتظرونه من الأستاذ ، فكانت أهم النقاط التي ركزوا عليها:
5.    الاستاذ علمنا مواجهة المشكل و حله بمفردنا، إنه قدم و سائل التعلم؛
5.    كان يجزأ موضوع التعلم إلى أجزاء حتى نستوعب أكثر، كما كان يعمل على طرح موضوع الدراسة بصيغة أخرى؛
5.    يوفر لنا الكتب التي نحتاج إليها عند تعلمنا؛
5.    شجع ورحب برغبتنا في التعلم و ساعدنا، كما كان يبدي اهتماما شخصيا لما كنا نقوم به؛
6.    كان المعلم يوجه مناقشاتنا و لا يفرض علينا افكاره؛
5.    كان المعلم يلقي درسه بشكل رائع، و يربط الأحداث الواقعية الحديثة بالأحداث الماضية؛
5.    كان المعلم قادرا على أن يجعل المتعلم يشعر بما هو منتظر منه؛
5.    كان المعلم يستعمل الأفلام و كان يستعين بأساتذة آخرين لإثراء الدرس؛
5.    كان المعلم يبحث عن وجهات نظر تلاميذه، و يحترم أراءهم حتى إذا لم يكن يتبناها(Michel Minder, ibid, p138-139).
 الملاحظ مما ذكره ماجر، ومما ذكره آخرون مثله أن المتعلم يبحث عن الشخص الذي ينمي لديه روح الثقة ويبعث فيه الطمأنينة حتى لا تكون عملية التعلم عبء ثقيل، بل متعة يكتشف من خلالها حقيقة ذاته وحدود إمكاناته حتى يبذل أكبر جهد للوصول إلى مبتغاه، فالمتعلم يبحث عمن يسمعه ويفيده وقت الحاجة.
2.    ماهية التعلم: التعلم عملية مكتسبة تشمل على تغيير في الأداء أو السلوك والاستجابات يحدث نتيجة نشاط تتم ممارسته من قبل المتعلم أو التدرب أو مثيرات قد يتعرض لها ودوافع تسهم في دفعه من أجل تحقيق النضج (سامي محمد ملحم، المرجع السابق، ص  45) والتعلم يتوقف على درجة نضج الكائن الحي، أي أنه يرتبط بالنمو، والوصول إلى درجة معينة من النضج في كل مرحلة من مراحل العمر، إلى أن يكتمل نضج الإنسان، ومعنى هذا أن الإنسان في كل عملية نمو، وفي كل مرحلة من مراحل النمو، يكون مهيأ للتعلم. فالتعلم تعديل في السلوك نتيجة احتكاك الفرد بمواقف مختلفة في البيئة التي يعيش فيها، مما يؤدي إلى تغيير أداء الفرد، ويتم التعلم تحت شرط الخبرة والممارسة، وينتج عن التعلم كاكتساب لسلوك جديد- يكون لها تأثيرها على الكائن الحي (أحمد إسماعيل حجي، المرجع السابق، ص 29-30).
وقد أشارت نتائج بحوث عديدة أجريت في التربية وعلم النفس-لدراسة العوامل التي تؤثر على التعلم- إلى أن اشتراك الشخص المراد أن يتعلم في اختيار الخبرات والأنشطة التعليمية وفي تخطيط وسائل وطرق تحقيق الأهداف المنشودة يؤدي -دون شك- إلى تعلم أفضل بمعنى أن التعلم يتم بتلقائية ذاتية من المتعلم، وبالتالي تكون النتائج أوقع ويمتد أثرها إلى أمد أوسع (كوثر حسين كوجك، المرجع السابق، ص 56) ، ورواد المدرسة المفتوحة يؤكدون على مبدأ أساسي يتمثل في أن تكون المدرسة مفتوحة على العالم، فالتعلم عليه أن يكون حقيقي وواقعي، أي ينبثق من وضعيات حقيقية في الحياة، مع مراعاة نمو ودرجة ذكاء المتعلمين، وقد جاء مارتيناند(Martinand) مفهوم التطبيقات الاجتماعية المرجعية(Les Pratiques Sociales de références
والذي يعني استعمال بعض المعطيات الاجتماعية لتسهيل عملية التعلم كالجريدة المدرسية(Journal Scolaire) بمثابة تطبيق اجتماعي مرجعي لتسهيل تعلم النحو؛ إضافة إلى استعمال الصور والأشرطة لتسهيل عملية التعلم (Michel Minder, Ibid, P 135-136).
3.    ضبط المتعلم: يهدف ضبط التعلم إلى توجيه التعلم ، بمعنى ضبط العوامل المؤثرة على عملية التعلم و التي تتظمن بعدين رئيسيين هما:
1.    الضبط الخارجي: أي تحديد معنى الشروط الخارجية التي قد تسهل أو تعوق التعليم ، أي أن هناك بعض الشروط البيئية المحددة للتعلم والتي لها تأثيرها على عملية التعلم ، و من الوسائل التي يستخدمها المعلم للضبط الخارجي ، وسائل العرض ، تشخيص مصادر المشكلات ، تحديد مصادر المعلومات المرتبطة بموضوع التعلم ، تحديد الشروط الاجتماعية و ترتيبها ، تقديم بعض العناصر أو المكونات المرتبطة بموضوع التعلم.
2.    الضبط الداخلي: يحدث بواسطة المتعلم ذاته و هو مكمل للبعد الخارجي و يتمثل في اختيار أنسب الظروف لتحقيق التعلم ، و يمكن للمتعلم اكتسابه من خلال اتصاله بالمعلمين و المشرفين التربويين، كما أن اكتساب عادات الدراسة و الاستذكار من أفضل الوسائل الفعالة لتحقيق الضبط الداخلي، إضافة لكل هذا فإن للتعلم مثيرات كالجهد الذي يقوم به المتعلم في أداء بعض العمليات الداخلية (التفكير، الإدراك، الفهم ، التذكر) ، و خبراته السابقة ، بالإضافة إلى الفروق الفردية بين المتعلمين (سامي محمد ملحم، المرجع السابق، ص 48). مما سبق ذكره يتضح لنا أن عملية التعلم تستلزم تفاعل بين أطرافها – المعلم، المتعلم - و أن هذا الأخير لن يتم إلا إذا نجح التفاعل و ظهرت نتائجه.
IIIتفاعل المعلم مع المتعلم: التدريس عملية إنسانية ووسيلة اتصال و تفاهم بين طرفين ، فلا يمكن أن نقول أن مدرسا قد قام بعملية تدريس ناجحة إذا لم يوجد من تعلم منه شيئا، فنحن لا نستطيع أن نتحدث عن التدريس دون التحدث عن التعلم، و نحن لا نقدر أن نشهد أن المعلم قد قدم درسا جيدا إذا لم يحدث هذا الدرس أثره المنشود على التلاميذ ، وقد عبر ديوي (Dewey) عن هذه الفكرة عندما شبه المدرس بالبائع و مهمة البائع أن يبيع بضاعته للمشترين فإذا لم يشتري أحد بضاعته فلا يمكن أن تتم عملية البيع (كوثر حسين كوجك ، المرجع السابق، ص 100).
المعلم ينظم في العملية التربوية نشاط الطالب ، و هذا الأخير عليه أن يمتلك دافعا إدراكيا دراسيا ، فالمعلم يقوم كل المكونات الضرورية و يساعد الطالب على استيعابها ، غير أنه بدون نشاط الطالب نفسه فإنه لا يكون وجود للنشاط الدراسي ، زيادة على ذلك فإن الطالب عندما يستوعب المادة الدراسية أو الموضوع و عندما يمتلك المعارف و الأفعال يحولها بحيث تكتسب المفاهيم المعالجة في حالات معينة مضمونا آخر بالمقارنة مع ما أعطاه المعلم ، و لكي يعرف التلميذ كيف يقوم بالواجب الدراسي يجب على المعلم أن يتدخل في هذه العملية و لا يكتفي بالمراقبة و النتيجة النهائية (أحمد خنسة ، المرجع السابق، ص287).
هكذا يمكننا أن نقول أن التعليم عملية تعاون و نشاط مشترك بين المعلم و المتعلم ، فلكل منهما دوره المكمل للآخر ، فالمعلم ينظم نشاطه التعليمي من خلال التخاطب و الاحتكاك اليومي مع التلميذ و بواسطة و سائل مادية أخرى ، و المتعلم يستجيب بالجهد المبذول للتعلم و بخبراته الخاصة حتى تتم العملية التعليمية وفقا للأهداف المسطرة.
4.    المادة الدراسية: إن التطور الذي عرفته الديداكتيك لبناء مفهومها و لاكتساب استقلالها من هيمنة العلوم الأخرى جعلها تركز على المادة الدراسية حتى تصل إلى فعالية أكبر للنشاط أو الفعل التعليمي، ففي المغرب مثلا أنجزت عدة دراسات ذات طابع ديداكتيكي و التي تهتم بالتفكير في المادة و مفاهيمها و بناء استراتيجيات لتدريسها.
فديداكتيك المادة(Didactique de la discipline) هي تأمل في طبيعة المادة التعليمية ، و هو مجال مفتوح قابل للمراجعة ، فالمعرفة تتطور بناء على إسهامات العلوم المختلفة، البحث فيه لا يهتم فقط "بالكيف" أي بالطرق و الوسائل التعليمية لكن كذلك بالمادة ، إذ لا ينبغي أن نهتم بكيف ندفع التلميذ للتعلم بل لابد من الاهتمام بالدرجة الأولى بماذا يقدر التلميذ أن يتعلمه في المادة ؟ كما أن ديداكتيك المادة الدراسية تهتم بتجريب الاستراتيجيات و التأكد من صلاحياتها المرحلية.
و الاهتمام بالمادة الدراسية في المنظور الديداكتيكي يرجع إلى إبراز النظرة الجديدة للمادة الدراسية و تغيير النظرة التي تعتبر أن المادة الدراسية معرفة مسبقة و نهائية و لا مجال لتغيرها أو استبدالها رغم شعورنا بقصورها و محدوديتها، و الشخص المختص في مادة ما هو المؤهل لإدخال تعديلات عليها فانتقاء ما ينبغي أن يتعلمه من معارف لغوية من شأن المختص في اللغة، و ما ينبغي تعلمه في الرياضيات من شأن المختص في الرياضيات و هكذا...لكن هذا لم يعد يكف ، إذ لا بد من تدخل الديداكتيكي الذي يتوفر بالإضافة إلى اختصاصه في مادة من المواد على معرفة بمجلات معرفية أخرى مرتبطة بالتدريس، فدراسة المادة التعليمية – التي تعتبر موضوع الديداكتيك - يتم من خلال بعدين:


1.    بعد إبستيمولوجي يتعلق بالمادة ذاتها من حيث طبيعتها و بنيتها، منطقها و منهج دراستها؛
2.     بعد بيداغوجي مرتبط أساسا بتعليم المادة و مشاكل تعلمها.


خلاصة: لا يمكن تطور أي عمل ديداكتيكي دون أن يكون هذا العمل مرتبط بمادة تعليمية معينة ، إلا إذا رجعنا إلى الديداكتيكا العامة ، التي يسعى البعض إلى جعلها مجالا معرفيا يهتم بدراسة العناصر المشتركة بين المواد الدراسية، من حيث تعلمها و تعليمها لذلك دعا برنار جيسمان إلى القيام ببحوث في الديداكتيك النظرية حول مواضيع مشتركة بين المواد الدراسية من طرف مجموعات ذات اختصاصات مختلفة( معجم علوم التربية ، 1994، ص.ص71-70).
 و حتى ينجح المعلم و المتعلم في العملية التعليمية فإن هناك أشخاص آخرون يشكلون قاعدة أساسية في الفصل التعليمي كمدير المؤسسة الذي يعتبر دوره أساسي حتى تسير الأمور بصورة أحسن. و إذا كنا نؤمن أن الإدارة لا ينبغي أن تظل مجرد تسيير و تيسير ، و إنما ينبغي أن يضاف إلى هاتين المهمتين مهمة أخطر هي التطوير، فالمدير ينبغي أن يشيع في مؤسسته مناخ التطوير و التحسين إلى أحسن وضع. فهو المسؤول التنفيذي عن كافة أنشطة المدرسة في كافة المجالات التربوية و التعليمية و الأنشطة المدرسية و الشؤون الفنية و الإدارية و المالية... (أحمد إسماعيل حجي، المرجع الساق ص.ص 38-39).

شارك هذه الصفحة وتابعنا على صفحاتنا الرسمية
شارك الموضوع →
تابعنا →
إنشر الموضوع →

0 التعليقات:

إرسال تعليق

افلام اون لاين