إشترك معنا ليصلك جديد الموقع

بريدك الإلكترونى فى أمان معنا

الأربعاء، 20 يناير 2016

يوبا الأول

يوبا الأول



الملك يوبا الأول ملك أمازيغي نوميدي ولد سنة 85 ق.م و قتل سنة 46 ق.م ، هو ابن الملك هيمبسال الثاني ، وحفيد الملك القائد يوغرطة ، ولد يوبا الأول بمدينة بونةبنوميديا وهي مدينة عنابة حاليا بـ الجزائر. كان حلمه ان يوحد شمال أفريقيا كما فعل جده الملك ماسينيسا
حياته
وقد ورث يوبا حكم أبيه هيمبسال الثاني ، فحافظ على سياسته وطريقة إدارته وتسيير الحكم وتدبيره حتى مقتله سنة 46 ق.م ، ويعتبر يوبا الأول في تاريخ الممالك الأمازيغية آخر ملك نوميدي مستقل ، وبعده ستصبح نوميديا مقاطعة مستعمرة تابعة مباشرة للحكومة الرومانية.
بعد وفاة الجد الأمازيغي الأكبر المقاوم الملحمي يوغرطة قسمت مملكته إلى قسمين: مملكة يتولاها بوكوس الأول ، بينما المملكة الثانية يتولى حكمها الملك كودا الذي كان رجلا معتوها ومتخلفا عقليا ، فسلم هذا الأخير الحكم لابنه المثقف الملك هيمپسال الثاني الكاتب والأديب والشغوف بالعلم استفاد في ذلك من مكتبة أسلافه من العلماء الأمازيغيين والفينيقيين والقرطاجنيين واليونانيين ، ونهل الكثير من مكتبة قرطاجنة الزاخرة بالكتب الثمينة ومصنفات المعارف الأدبية والعلمية والفنية ؛ ولكن جميع المؤلفات التي كتبها هيمپسال الثاني ضاعت ولم تصل إلينا. وبعد وفاة الملك هميپسال الثاني، تولى ابنه يوبا الأول عرش أبيه. ويعني هذا، أن يوبا الأولYuba 1 هو حفيد يوغرطة ، ومن مواليد بونة (عنابة) بنوميديا ( الجزائر)، ومن حكام مملكة مازيلة حيث أسس فيها مملكة أمازيغية عاصمتها زاما. وقد ورث يوبا حكم أبيه هيمپسال الثاني، فحافظ على سياسته وطريقة إدارته وتسيير الحكم وتدبيره حتى مقتله سنة 46 ق.م. ويعتبر يوبا الأول في تاريخ الممالك الأمازيغية آخر ملك نوميدي مستقل، وبعده ستصبح نوميديا مقاطعة مستعمرة تابعة مباشرة للحكومة الرومانية. ومن باب الفائدة ليس إلا، فإن كلمة" يوبا"أو "جوبا" في مدلولها اللغوي الأمازيغي لاتعني اسما علما أو اسما شخصيا أوعائليا، وإنما يطلقها البربر على العاهل وهو مرادف أگليد ( أجدجيذ بالريفية) أي الملك، ويجمع على إيگليدن وهو في أصل لفظه يعني نفس مدلول الكلمة العربية: الجبة.
تطور مقاومة يوبا الأول
عاش يوبا الأول في المرحلة اللاتينية التي تميزت بسيطرة القوات الرومانية على ممالك شمال أفريقيا، واستعداد هذه القوات الإيطالية لاحتلال تمازغا بكاملها من الشرق حتى الغرب ومن الشمال حتى الجنوب، مع إظهار النية السيئة في تطويق الممالك الأمازيغية وتسييجها بخط الليمس لفصل أفريقيا النافعة عن غير النافعة وطرد المقاومين خارج السد الأمني، واستغلال كل ماهو داخل نطاق هذا الخط الأمني لصالح أباطرة روما ومعمري شمال أفريقيا ورجال كنيستها.
وكان لما يقع في روما من فتن وأحداث دامية وما يجري فيها من إحن وصراعات سياسية وعسكرية، وما تعرفه من قلاقل وثورات وانقلابات له أثر كبير وصدى سلبي ينعكس على سياسة شمال أفريقيا وتوجيه سياستها الداخلية والخارجية، ففي أواسط" القرن الأول ق.م شهدت الممالك الأمازيغية …تطورات خطيرة، عكست مدى تبعيتها لروما ووقوعها في فخ سياستها، ذلك أنه بعد موت الدكتاتور سيلا ساد فراغ سياسي في روما نتيجة ضعف مجلس الشيوخ، فبرز ثلاثة زعماء طموحين في الساحة، مما أفضى إلى نزاع بينهم انتهى بسيطرة قيصر على الحكم سنة 48 ق.م. وقد امتدت تأثيرات هذه التطورات إلى شمال أفريقيا، التي كانت دائما أحد ميادين تصفية الحسابات السياسية الرومانية، إذ تحالف الملوك الأمازيغ مع فرقاء الصراع الروماني، مما جر ويلات كثيرة على الدول الأمازيغية."
وعلى أي، فقد عايش يوبا الأول الحرب الأهلية الإيطالية التي كانت رحاها تدور في شوارع روما خاصة بين القائدين الرومانيين الكبيرين:"يوليوس قيصر"، و"پومبيوس Pompeius " من أجل الاستيلاء على السلطة. فكان لابد للملوك الأمازيغيين في شمال أفريقيا أن يحددوا ولاءهم لقائد من هذين القائدين، وأن يتحالفوا مع واحد ضد الآخر، وأن يقدموا له كل المساعدات المادية والمعنوية والبشرية والعسكرية حتى يحافظوا على ملكهم في نوميديا، ويستفيدوا من الجوائز والهبات والامتيازات والاستيلاء على ممالك جيرانهم . زد على ذلك، أنه من الواجب أن يدافعوا عن ممالكهم ضد الغزاة مادامت تمازغا على وشك أن تكون في قبضة الرومان ؛ لأن القوات اللاتينية متجمهرة في عدة مراكز حدودية وعسكرية، وقد استنفر القواد حشودها المنظمة في عدة فيالق مدربة على أحدث الأسلحة الحديدية ، ومنظمة أحسن تنظيم عسكري في العالم في تلك الفترة من التاريخ القديم ، ومحصنة بطريقة عتيدة في قلاع و ثغور شمال أفريقيا تراقب كل تحركات الممالك النوميدية والموريتانية بشكل دقيق ومخطط، منتظرة الفرصة السانحة للانقضاض على ملوك نوميديا للتنكيل بهم والإيقاع بهم إما ذلا وأسرا وإما خسفا وهلاكا.
وفي خضم هذه الحرب الأهلية التي نشبت بين هذين القائدين الكبيرين، ارتضى يوبا الأول أن يتحالف مع القائد بومپيوس وصديقه الأمازيغي الملك ماسينيسا الثاني؛ لأنه كان يعرف مسبقا نوايا يوليوس قيصر وأطماعه الخفية والمعلنة في شمال أفريقيا، وطريقته المستبدة في إدارته لمنطقة تامازغا واستعماله للشدة والقسوة في تسييره لممالك هذه المنطقة. لذلك رفض يوبا الأول التحالف مع قيصر الروم لامن قريب ولا من بعيد، بينما الملكان الموريتانيان بوگود الثاني وبوگوس الثاني اختارا التحالف مع يوليوس قيصر طمعا في الامتيازات وخوفا من بطش يوليوس القيصر المتجبر . وكان النصر في الأخير للقيصريين على حساب القائد پومپيوس المنهزم أمام القوات القيصرية المتحالفة مع القوات الأمازيغية العاتية. وقبل ذلك، لقد ارتضت القوات الرومانية القيصرية النزول السريع بتونس في "رأس بون" سنة 49ق.م ، فحاصرت مدينة "أوتيكا " التي لم تحرر إلا من قبل الملك يوبا الأول، وقد نال هذا العمل الرائع إعجاب القائد الروماني بومپيوس ورضاه الكبير، فشجعه على مواصلة القتال حتى النفس الأخير. بيد أن القوات القيصرية ستحط ركابها وتنزل عتادها مرة أخرى في شواطئ أفريقيا. وبالتالي، ستحاصر فيالق القيصر قوات يوبا الأول من كل الجهات مدعّمة بالقوات المورية الغربية التي كان يقودها كل من بوگود الثاني وبوگوس الثاني. فاضطر يوبا الأول للتراجع نحو عاصمته زاما، ولكنه لم يرض بالفرار والتراجع، فاختار ميتة شريفة عن طريق المبارزة مع العدو في ساحة القتال والشرف بدلا من أن يؤخذ أسيرا ذليلا إلى روما. وكانت هذه الفترة تسمى في التاريخ القديم بعصر الجمال الذي" ظهرت بوادره خلال المائة سنة التي سبقت التاريخ الميلادي؛ وبالتحديد في سنة 46 ق.م خلال معركة تابسوس (رأس الديماس) ؛ التي دارت بين يوليوس قيصر روما والملك الأمازيغي يوبا الأول؛ الذي تحالف مع خصم سيزار اللدود بومپيي ( پمپايوس). ". وعليه، فقد اندلعت حرب الحلفاء سنة48 ق.م في شمال أفريقيا، وشاركت فيها قوات يوبا الأول مع قوات پومپيوس وقوات ماسينيسا الثاني، ولكنها انهزمت هزيمة شنعاء أمام التحالف الثلاثي الذي كان يتكون من جيش قيصر وجيش بوگود الثاني وجيش بوگوس الثاني. فتعرضت قوات يوبا للهلاك الفظيع، و لحق مملكته دمار هائل وخراب كبير. وتمكن يوبا الأول من الفرار بعد أن وجد نفسه وحيدا في المعركة مع قلة من جيشه المنهوك من شدة المواجهة الشرسة والمقاومة العتيدة.
وقد نتج عن هذا الموقف التراجيدي الذي يتمثل في الهزيمة والخسران إحساس يوبا الأول بالعزلة عن أسرته وجيشه. فقرر يوبا الانتحار بطريقة غريبة قوامها الإباء والشرف والشجاعة والموت في ساحة الحرب بدلا من الفرار والتراجع عن مبادئه السامية التي كان يؤمن بها ويؤمن بها كل أمازيغي حر وشهم. لذلك، دعا للمبارزة آخر رفيق وجده بجنبه، وهو قائد روماني، فتضاربا إلى أن أردى كل منهما الآخر قتيلا في 46 قبل الميلاد. ولما توفي يوبا الأول ترك ولدا صغيرا في الخامسة أو السابعة من عمره يسمى يوبا الثاني، فأسره يوليوس قيصر فحمله معه إلى روما ، ثم نشأ الفتى الأمازيغي بعد ذلك في كنف الإمبراطور أغسطس خلف قيصر الذي ساعده على طلب العلم في عدة مدارس ومعاهد رومانية وأجنبية إلى أن صار مثقفا كبيرا يشهد له بالعلم الواسع أعداؤه قبل أصدقائه . ونظرا لثقافة يوبا الثاني الموسوعية وكفاءته في التسيير الإداري ووفائه وإخلاصه للقيصر الروماني، نصبه أغسطس ملكا على موريتانيا الطنجية وزوجه ملكة سيليني Selené ابنة الإمبراطورة الرومانية كليوباترة المصرية وأنطوان ليبقى حليفا مواليا طائعا للرومان في شمال أفريقيا. فكانت المفارقة " أن رعايا يوبا الثاني كانوا يقدسونه ويمقتونه في آن واحد". وعلى العموم، فبعد انتحار يوبا الأول ، تحولت مملكته نوميديا الشرقية إلى مقاطعة رومانية أطلق عليها أفريقيا الجديدة، بينما كوفئ بوگوس الثاني من قبل القيصر بضم جزء من نوميديا الغربية إلى مملكته، في ذات الوقت خلقت دويلة في قلب نوميديا لتكون حاجزا عسكريا استراتيجيا أعطيت لمغامر عسكري إيطالي يدعى ستيپوس للفصل بين أفريقيا الجديدة ومملكة موريتانيا الشرقية. هكذا أسفرت التطورات السالفة عن إعادة رسم الخريطة السياسية لإفريقيا الشمالية وفق مصالح روما، وبالتالي، وضعت الأسس لخططها المستقبلية، إذ نجد قيصر يشرع في توطين الفقراء وقدماء الجنود الرومان في ولاية أفريقيا القديمة، الشيء الذي ينم عن إرادته في خلق قاعدة اجتماعية لحكمه الفردي، وهو ما أفضى إلى اغتياله سنة 44ق.م". وعلى أي حال، فبهزيمة يوبا الأول في معركة التحالف الأمازيغي –الروماني فقدت نوميديا استقلالها السياسي سنة46 ق.م بعد قرن من ذكرى احتلال قرطاجنة في 146ق.م على أيدي الرومان بتحالف مع قوات ماسينيسا الأول. وبالتالي، فقد دخلت نوميديا بصفة خاصة وأفريقيا الشمالية بصفة عامة بشكل مباشر في ظل الحكم الروماني لتصبح نوميديا مقاطعة تابعة للعاصمة المركزية روما، ليبدأ عهد جديد بعد فترة التمهيد والتوطئة الاستعمارية هو عهد التوطين وإرساء الحكم الروماني إداريا وسياسيا واقتصاديا. بيد أن الاستقرار في نوميديا لن يكون أمرا سهلا؛ وإنما سيفرز حتما ودوما عدة مقاومات عسكرية وثقافية واجتماعية ستعكر صفو أباطرة الرومان الذين سوف لن ينعموا أبدا بسعادة الانتصار وثمار الاستغلال وزهو السيطرة حتى تنتهي شوكتهم بدخول الوندال والبيزنطيين والفاتحين المسلمين.
منجزات يوبا الأول
من أهم ما يعرف عن يوبا الأول أنه كان شديد الحقد على قوات الحكومة الرومانية التي كانت تستهدف السيطرة على شمال أفريقيا وإذلال نوميديا وتركيع الأمازيغيين ورومنتهم من أجل استغلال أراضيهم واستنزاف ثرواتهم والاستيلاء على ممالكهم وتخصيصها للمعمرين الإيطاليين لكي يستفيدوا منها . ولكن يوبا الأول لم يرض بهذه السياسة العدوانية التي تكرس الهيمنة الرومانية على حساب حقوق الأمازيغيين الأحرار. لذلك شكل جيشا أمازيغيا عتيدا من المشاة والفرسان ونظمهم بطريقة حديثة مستوحيا في ذلك الطرائق العسكرية الرومانية واليونانية والقرطاجنية في التحصين والمجابهة والمبارزة والهجوم والدفاع، وكل هذا من أجل الاستعداد لكل مواجهة محتملة ضد الرومان. وكان يوبا على علم تام بكل نوايا القياصرة الاستعمارية. فكان يعد دائما كل ما يتوفر عليه من قوة مادية وبشرية لملاقاة القوات الرومانية المتغطرسة في بحر الروم أو ما يسمى أيضا بحوض البحر الأبيض المتوسط خاصة بعد انتصار الرومان على مملكة قرطاجنة وتخريبها بشكل نهائي. وقد عمل يوبا الأول جاهدا من أجل توحيد نوميديا تحت رايته من أجل خلق مملكة أمازيغية قوية في وسط شمال أفريقيا على غرار مملكة ماسينيسا القوية لا يمكن أن تضعضع من قبل القوات المباغتة لبلاد تامازغا. ويعرف عن يوبا الأول أنه كثير الغيرة على وطنه وساكنة نوميديا وسيادة وطنه ومملكته. هذا، وقد سك يوبا الأول عملته النقدية الأمازيغية المحلية متأثرا في ذلك بالعملة الرومانية، والدليل على ذلك أن العملة كانت بها كتابات وخطوط لاتينية. كما جعل لمملكته راية خاصة وشعارا خاصا هو البرنس الأحمر الدال على النضال والكفاح والتضحية من أجل الوطن. وكان يمنع الضباط الرومانيين من لبس البرنس الأحمر؛ لأن هذا البرنس شعار الأمازيغيين ، كما أنه كان لباسه الخاص في كل المناسبات الرسمية وغير الرسمية، وكان أيضا شعاره المفضل في الحروب التي كان يخوضها ضد الغزاة الروم. ومن جهة أخرى، عرفت مملكة يوبا الأول رخاء اقتصاديا كبيرا بفضل الموقع الاستراتيجي الذي كانت تحتله مدينة بونة (عنابة)الساحلية باعتبارها مرفأ تجاريا مهما إلى جانب كونها منطقة فلاحية خصبة ومدينة صناعية غنية بالثروات، تنتعش فيها الزراعات المتوسطية، وفي نفس الوقت يزدهر فيها الصيد البحري وصناعة القوارب والسفن البحرية والحربية.










                                                                                       

شارك هذه الصفحة وتابعنا على صفحاتنا الرسمية
شارك الموضوع →
تابعنا →
إنشر الموضوع →

0 التعليقات:

إرسال تعليق

افلام اون لاين